کد مطلب:239594 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:134

الحکم لیس امتیازا انما هو مسؤولیة
و قد اعترض علیه بعض أصحابه؛ عندما رآه یأكل مع خدمه و غلمانه ، حتی البواب و السائس ؛ فأجابه (ع) : « مه ؛ ان الرب تبارك و تعالی واحد ، و الام واحدة . و الأب واحد ، والجزاء بالأعمال .. » [1] و قال له أحدهم : أنت و الله خیر الناس ، فقال له الامام : « لا تحلف یا هذا ، خیر منی من كان أتقی لله تعالی ، و اطوع له ؛ و الله ما



[ صفحه 359]



نسخت هذه الآیة : « و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم .. » [2] .

و قال لابراهیم العباسی : انه لا یری أن قرابته من رسول الله (ص) تجعله خیرا من عبد أسود ، الا أن یكون له عمل صالح فیفضله به [3] .

و قال رجل له : ما علی وجه الأرض اشرف منك أبا . فقال : التقوی شرفتهم ، و طاعة الله أحظتهم [4] .

و ما نرید أن نشیر الیه و نؤكد علیه هنا ، هو أنه (ع) یرید بذلك أن یفهم الملأ : أن الحكم لا یعطی للشخص - من كان ، و مهما كان - امتیازا ، و لا یجعل له من الحقوق ما لیس لغیره ، و انما الامتیاز - فقط - بالتقوی و الفضائل الاخلاقیة .. و كل شخص حتی الحاكم سوف یلقی جزاء أعماله : ان خیرا فخیر ، و ان شرا فشر ؛ و علیه فما یراه الناس من سلوك الحكام ، لیس هو السلوك الذی یریده الله ، و تحكم به النوامیس الاخلاقیة ، و الانسانیة . و الامتیازات التی یجعلونها لأنفسهم ، و یستبیحون بها ما لیس من حقهم لا یقرها شرع ، و لا یحكم بها قانون ..

و بكلمة مختصرة : ان الامام (ع) یری : أن الحكم لیس امتیازا ، و انما هو مسؤولیة ..

و علی كل حال .. فان سلوك الامام (ع) ، لخیر دلیل علی ما كان یتمتع به من المزایا الاخلاقیة ، و الفضائل النفسیة .. و یكفی أنه لم یظهر منه (ع) طیلة الفترة التی عاشها فی الحكم الا ما ازداد به فضلا بینهم ، و محلا فی نفوسهم ، علی حد تعبیر أبی الصلت . و علی حد تعبیر شخص



[ صفحه 360]



آخر : أقام بینهم لا یشركهم فی مأثم من مآثم الحكم .. بل لقد كان لوجوده أثر كبیر فی تصحیح جملة من الأخطاء و الانحرافات التی اعتادها الحكام آنئذ .. حتی لقد استطاع أن یؤثر علی نفس المأمون ، و یمنعه من الشراب و الغناء ، طیلة الفترة التی عاشها معه ، الی آخر ما هنالك، مما لسنا هنا فی صدد تتبعه و استقصائه ..


[1] البحار ج 49 ص 101، و الكافي للكليني ، و مسند الامام الرضا ج 1 قسم 1 ص 46.

[2] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 236 ، و مسند الامام الرضا ج 1 قسم 1 ص 46.

[3] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 237.

[4] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 236 . و مسند الامام الرضا ج 1 قسم 1 ص 46.